الشاعر / صالح بن سلطان الكواري
أحد شعراء قطر الكبار المعروفين والمجيدين في نظم وقول الشعر أشتهر بقصائدة العذبة، وعلاقاتة الواسعة والحميمية مع شعراء وقته ومعاصريه ، كما عرف
بثقافتة وسعة أطلاعة ومعارفه التي حصل عليها بكثرة القراءة والكالعه في الكتب ، ومخالطة الناس والتنقل والأسفار بين أقطار الخليج المختلفة .
وهو من ( المطاوعة ) أحد أفخاذ قبيلة البوكوارة القبيلة العربية الأصيلة ، ولد في قرية ( الغارية ) التي تقع على الساحل الشمالي الشرقي لقطر سنة 1330 هـ الموافق 1910 م على وجه التقريب،
وانتقل منها بعد فترة وجيزة مع عائلته إلى قرية ( سميسمة ) واتخذها مقراً وسكناً له ولأولاده إلى يومنا الحاضر .

قرأ القرآن الكريم وتعلم علوم الدين على يد مطوع فارسي في قرية ( الظعاين ) وختم القرآن كاملاً في مدة سبعة أشهر وكانت لدية رغبة قوية في طلب العلم ، وبعد أن أتم ختم القرآن تعلم القرأة والكتابة والخط على يد الشيخ نفسه ، ولما رأى الشيخ نباهته وذكاءه وشدة رغبته في التعليم عرض على والده أن يأخذه معه إلى فارس لطلب العلم ، ولكن الوالد رفض هذا العرض خوفاً على ولده الصغير من الغربة والابتعاد عن موطنه .
وقد ثقف الشاعر صالح نفسه بنفسه وكان قارئاً جيداً يطالع الكتب القديمة التي كانت تصل إليهم في ذلك الوقت بجميع أنواعها من كتب دينية وأدبية كما طالع بعض دواوين كبار شعراء العرب من أمثال المتنبي وعنترة وسواهما من الشعراء ، وتعرف في
فترة شبابة المبكر على الشاعر المبدع الفيحاني وربطته به علاقة وثيقة وصداقة حميمه ، وكان أول لقاء بينهما في منطقة ( عذبه ) التي تقع غرب قرية الغارية ، وكان ينزل فيها الوجيه / علي بن شاهين آل ربيعة الكواري وأولاده وكان الفيحاني مجاوراً لهم في تلك الايام ، فكان لقاءً أدبياً حميماً استفاد منه الشاعر صالح كثيراً وترك أثراً طيباً في نفسه .
وبعد أن أشتهرت أشعار الفيحاني ، وأخذ أهل السفن يحدون بها أثناء التجديف وبعد القفال من الغوص أستأذن الشاعر صالح والده أن ينظم قصيده ويرسلها إلى الفيحاني لمداعبته ، فقال له والده : الذي أصابه أصابني دعني أفرج قليلاً عن خاطري ، فقال والده : افعل ما تريد يا صالح ، فأرسل صالح قصيدتة للفيحاني سنة 1351 هـ وهي لم تنشر من قبل في ديوان الفيحاني وهي التي يقول مطلعها :
أنا أبديت في رجم طويلي = ودمعي لون هطال المخيلي
أكنه بالصبر أبغى الجماله = وأثاري الدمع من موقي يسيلي
جرى دمعي ومن موقي تحدر = على خدي كما نضح الصميلي
أنا لي جيت بسلى من همومي = يدك البال هاجوس طويلي
أطوح ونتي والناس نوما = كما المفرود من فرقى خليلي
يشيد النوح من حال لكنه = وحاله من كثر نوحي نحيلي
وبعد أن بعث إليه مركوبه عبارة عن ناقة أصيلة يقول مادحاً له :
أنا قصدي ومقصودي محمد = سليل سلسله عود أصيلي
ألا يا ولد جاسم يا لزيمي = وعون اللي سرى به جنح ليلي
حبيبي قاطع حبل المودة = هجرني وابتعد ويلاه ويلي
وقد رد عليه الشاعر محمد الفيحاني بقصيدة من أجمل قصائده يقول في مطلعها :
هلا ما هاش بالوادي رقيلي = وما هز الهوا خوص النخيلي
وما حنت على الحيضان هجمه = وما ناوح هبوب الياه سيلي
هلا بك عيد هيه نوبك = بسهلا نوخي عندي وشيلي
تعنيتي ومخلوف خبيبك = عن اللاهوب لوذي بالمقيلي
إلى أن يقول مواسياً للشاعر صالح :
رعاك الله يا صالح وجارك = واظنك بالهوى طحت بعميلي
وبحر فيه تسبح فيه نسبح = ونيران كوتك أسباب ويلي
وسقم عللك قبلك سقمني = وعللني ومنه فتور حيلي
وهم هومك هوم فؤادي = وطول هجعه الغافلين ليلي
وقد التقى الشاعر صالح بصديقه الفيحاني أكثر من مره وعندما ذهب الفيحاني إلى البحرين للعلاج زاره صالح في المستشفى وكان يرافقة الشاعر عبدالرحمن بن مبارك الكواري الملقب ( ابن بريك ) وجلسا
يواسيانه ويسريان عنه ومكثا لديه يوماً او يومين وفي تلك الاثناء اشتد بالفيحاني المرض وثقل لسانه وقال مخاطباً صالح وصاحبه : يا صالح ليت شعري الذي سأتركه بعدي يقع في يدك أو يد ابن بريك ... أخشى أن يستولي عليه أناس لا يعرفون قيمته ولا يقدرونه ولا يفهمون معناه ، فيضيع ويذهب هباء.
وقد وقع بعض ما توقع الفيحاني - رحمة الله - فقد ضاعت بعض أشعاره بل الكثير منها ولولا أن قيض الله له من أصدقائه المخلصين من يقوم بجمعها ما توفر من شعره ونشره في ديوان لضاع جميع شعره - كما كان يخشى - هباءاً منثورا .
وقد كان الشاعر صالح بن سلطان الكواري - رحمه الله - دور طيبفي حفظ بعض أشعار الفيحاني التي التقطها وأمد بها الشاعر أحمد بن علي بن شاهين الكواري الذي كان له الدور الرئيسي والأساسي في جمع ونشر ديوان الفيحاني فجزاهما الله خيراً على ما قدماه للأدب والشعر في قطر
وعندما توفي الشاعر محمد الفيحاني كان صديقه صالح الكواري يعمل في شركة النفط ارامكو في الظهران وفي أحد الايام كان الشاعر صالح جالساً في المجلس يقرأ قصيدة الفيحاني - بعد وفاته - وكانت القصيدة هي التي يقول فيها ( شبعنا من عناهم وارتوينا ) وكان يقرأها على أسماع مجموعة من جماعته في وقت العصر .
وفي تلك الليلة وبعد أن نام صالح رأى في المنام أن الفيحاني يزوره ويحدثه قائلاً : هل أعجبتك القصيدة التي كنت تقرأها عصر هذا اليوم على الجماعه ..؟ قال صالح : نعم ، فكل ما تقوله يا بوجاسم زين ، قال الفيحاني : أنا مت ولم يرثني أحد من الشعراء ، وأريدك يا صالح أن تقول قصيدة في رثائي فقال صالح : إن شاء الله أفعل .
وفي صباح اليوم التالي بادر الشاعر صالح الكوراي بنظم قصيده في رثاء الشاعر محمد الفيحاني ، وخاطب فيها صديقه الحميم محمد بن راشد المهنا النعيمي ويذكر فيها أن الشاعر محمج بن راشد رد على صالح بقصيدة مماثله ولكنها لم تصلنا إلى الآن .
وقصيدة الشاعر صالح نظمها على وزن قافية الفيحاني وفيها يقول :
سكرنا في هوى اللي ساكرينا = وعند أطلال منلهم لعينا
ترزمنا وشايمنا وشمنا = وصرنا من سببهم ناحلينا
وحنا في محبتهم أكلنا = من الحنظل وكنّه خوخ تينا
وحنا في محبتهم صبرنا = على المالح وصار الشين زينا
وحنا في محبتهم وقفنا = وشاهدنا وكنا محرمينا
وحنا في محبتهم عصينا = ولا نسمع كلام الناصحينا
وحنا في محبتهم تعبنا = وبعنا في هواهم واشترينا
أنا هيهات بنساهم وبأصبر = وهم لي بالمودة مقبيلنا
ثمان سنين خلاني صفولي = مصافيهم وهم لي مجهدينا
وعيني عقبهم لا قفوا وراحوا = وصدوا يوم بان الشيب فينا
وطرد الحب للمقفي خسارة = كما طرد المها اللي جافيلنا
ولا تتبع هوى من لا يريدك = ولا تازي علة شوفه حزينا
وهذي عادة الغادات لاقفن = تراهن للجمايل جاحدينا
ومن ينكر وينسى ما مضى له = وربي عنده علم اليقينا
وعفنا الغي وطرود الجوازي = وشمنا يا معين الصابرينا
وتبنا من قبيح الذنب تبنا = لوجهك يا غفور التايبينا
وهذا البيت للعاشق محمد = وحنا بالكلام مقلدينا
رعاك الله يا القرم الهواوي = ويا محيي رسوم الأولينا
مفيد حق من هو يعتبر به = كلامه ما حووه الراسخينا
وأنا قلت آه يا هذي بلاوي = وأثرنا في هواهم خاسرينا
على يا طارشي هيا بسرعه = لصوب محمج ذرب اليمينا
وقل له صالح يرثي سميك = ويزهم يا عشير الغانمينا
وجاني زاير في النوم عاني = وقال ارثو لنا يا فاهمينا
أنا برثيه ومن يرثيه مثلي = عسانا يوم حشره فايزينا
وأنا لك أنتخي يا بالعوايد = لزيمي يا خدين الطاهرينا
وصلى الله على خير البرايا = محمد صادق الوعد الأمينا
عليه الله صلى والصحابه = وحنا والكرام التابعينا
ركب الشاعر صالح بن سلطان البحر كعادة أهل قطر غواصاً ماهراً وكان يركب مع النوخذا والشاعر المعروف سلمان بن حمد الحسن المهندي ، ونشأ مكافحاً في سبيل العيش الكريم وتنقل لهذا الغوص في دول الخليج ، ففي فترة الثلاثينيات من القرن العشرين انتقل إلى البحرين وعمل فيها فترة من الزمن ثم رحل في الأربعينيات إلى المملكة العربية السعودية وعمل فيها بعد اكتشاف النفط في أراضيها مسئولاً في ( أرامكو) بمدينة الظهران وقد عاد الشاعر الكواري إلى موطنه قطر وعين مدرساً بمدرسة قريته ( سميسمة ) كما عين بجانب ذلك إماماً وخطيباً لمسجدها الجامع .
أجاد الشاعر صالح في جميع أغراض الشعر ونظم في مختلف فنونه وكتب القصيد والمواويل والشيلات وأبدع فيها جميعاً
وتطرق إلى القصائد الوطنية والغزل والمديح والمساجلات والدينيات ، ونظم القصائد الغنائية وأكثر من المراسلات الشعرية والمطارحات والردود على الشعراء
وجمعته صداقة أخويه وشعرية بالشاعرين محمد بن راشد مهنا النعيمي والشاعر عمار بن سلطان العماري وهم من سكنة الدمام، وجرت بينه وبينهم مساجلات كثيره ، كما تساجل مع شعراء آخرين من المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية ومن شعراء قطر ساجل محمج بن جمعان ومبارك بن سعد أبو سعده وأحمد بن محمد بن خليفة الساده وجبر بن حسن المناعي وعبدالله بن أحمد السويدي وعلي بن رحمه المري والشاعر الكبير سعد ين علي المسند المهندي المعروف بـ ( سعد الشاعر ) والشاعر الكبير عمير بن عفيشه الهاجري والشاعر حميد بن خرباش المنصوري والشاعر أحمد بن علي بن شاهين الكواري ومجرن بن خلفان المنصوري وقد قام بتدوين أشعاره وبعض ما يحفظ من قصائد لشعراء آخرين من قطر والخليج العربي في دفاتر عديده
توفي رحمة الله تعالي في عام 1400 هـ الموافق 1980م.
أحد شعراء قطر الكبار المعروفين والمجيدين في نظم وقول الشعر أشتهر بقصائدة العذبة، وعلاقاتة الواسعة والحميمية مع شعراء وقته ومعاصريه ، كما عرف
بثقافتة وسعة أطلاعة ومعارفه التي حصل عليها بكثرة القراءة والكالعه في الكتب ، ومخالطة الناس والتنقل والأسفار بين أقطار الخليج المختلفة .
وهو من ( المطاوعة ) أحد أفخاذ قبيلة البوكوارة القبيلة العربية الأصيلة ، ولد في قرية ( الغارية ) التي تقع على الساحل الشمالي الشرقي لقطر سنة 1330 هـ الموافق 1910 م على وجه التقريب،
وانتقل منها بعد فترة وجيزة مع عائلته إلى قرية ( سميسمة ) واتخذها مقراً وسكناً له ولأولاده إلى يومنا الحاضر .

قرأ القرآن الكريم وتعلم علوم الدين على يد مطوع فارسي في قرية ( الظعاين ) وختم القرآن كاملاً في مدة سبعة أشهر وكانت لدية رغبة قوية في طلب العلم ، وبعد أن أتم ختم القرآن تعلم القرأة والكتابة والخط على يد الشيخ نفسه ، ولما رأى الشيخ نباهته وذكاءه وشدة رغبته في التعليم عرض على والده أن يأخذه معه إلى فارس لطلب العلم ، ولكن الوالد رفض هذا العرض خوفاً على ولده الصغير من الغربة والابتعاد عن موطنه .
وقد ثقف الشاعر صالح نفسه بنفسه وكان قارئاً جيداً يطالع الكتب القديمة التي كانت تصل إليهم في ذلك الوقت بجميع أنواعها من كتب دينية وأدبية كما طالع بعض دواوين كبار شعراء العرب من أمثال المتنبي وعنترة وسواهما من الشعراء ، وتعرف في
فترة شبابة المبكر على الشاعر المبدع الفيحاني وربطته به علاقة وثيقة وصداقة حميمه ، وكان أول لقاء بينهما في منطقة ( عذبه ) التي تقع غرب قرية الغارية ، وكان ينزل فيها الوجيه / علي بن شاهين آل ربيعة الكواري وأولاده وكان الفيحاني مجاوراً لهم في تلك الايام ، فكان لقاءً أدبياً حميماً استفاد منه الشاعر صالح كثيراً وترك أثراً طيباً في نفسه .
وبعد أن أشتهرت أشعار الفيحاني ، وأخذ أهل السفن يحدون بها أثناء التجديف وبعد القفال من الغوص أستأذن الشاعر صالح والده أن ينظم قصيده ويرسلها إلى الفيحاني لمداعبته ، فقال له والده : الذي أصابه أصابني دعني أفرج قليلاً عن خاطري ، فقال والده : افعل ما تريد يا صالح ، فأرسل صالح قصيدتة للفيحاني سنة 1351 هـ وهي لم تنشر من قبل في ديوان الفيحاني وهي التي يقول مطلعها :
أنا أبديت في رجم طويلي = ودمعي لون هطال المخيلي
أكنه بالصبر أبغى الجماله = وأثاري الدمع من موقي يسيلي
جرى دمعي ومن موقي تحدر = على خدي كما نضح الصميلي
أنا لي جيت بسلى من همومي = يدك البال هاجوس طويلي
أطوح ونتي والناس نوما = كما المفرود من فرقى خليلي
يشيد النوح من حال لكنه = وحاله من كثر نوحي نحيلي
وبعد أن بعث إليه مركوبه عبارة عن ناقة أصيلة يقول مادحاً له :
أنا قصدي ومقصودي محمد = سليل سلسله عود أصيلي
ألا يا ولد جاسم يا لزيمي = وعون اللي سرى به جنح ليلي
حبيبي قاطع حبل المودة = هجرني وابتعد ويلاه ويلي
وقد رد عليه الشاعر محمد الفيحاني بقصيدة من أجمل قصائده يقول في مطلعها :
هلا ما هاش بالوادي رقيلي = وما هز الهوا خوص النخيلي
وما حنت على الحيضان هجمه = وما ناوح هبوب الياه سيلي
هلا بك عيد هيه نوبك = بسهلا نوخي عندي وشيلي
تعنيتي ومخلوف خبيبك = عن اللاهوب لوذي بالمقيلي
إلى أن يقول مواسياً للشاعر صالح :
رعاك الله يا صالح وجارك = واظنك بالهوى طحت بعميلي
وبحر فيه تسبح فيه نسبح = ونيران كوتك أسباب ويلي
وسقم عللك قبلك سقمني = وعللني ومنه فتور حيلي
وهم هومك هوم فؤادي = وطول هجعه الغافلين ليلي
وقد التقى الشاعر صالح بصديقه الفيحاني أكثر من مره وعندما ذهب الفيحاني إلى البحرين للعلاج زاره صالح في المستشفى وكان يرافقة الشاعر عبدالرحمن بن مبارك الكواري الملقب ( ابن بريك ) وجلسا
يواسيانه ويسريان عنه ومكثا لديه يوماً او يومين وفي تلك الاثناء اشتد بالفيحاني المرض وثقل لسانه وقال مخاطباً صالح وصاحبه : يا صالح ليت شعري الذي سأتركه بعدي يقع في يدك أو يد ابن بريك ... أخشى أن يستولي عليه أناس لا يعرفون قيمته ولا يقدرونه ولا يفهمون معناه ، فيضيع ويذهب هباء.
وقد وقع بعض ما توقع الفيحاني - رحمة الله - فقد ضاعت بعض أشعاره بل الكثير منها ولولا أن قيض الله له من أصدقائه المخلصين من يقوم بجمعها ما توفر من شعره ونشره في ديوان لضاع جميع شعره - كما كان يخشى - هباءاً منثورا .
وقد كان الشاعر صالح بن سلطان الكواري - رحمه الله - دور طيبفي حفظ بعض أشعار الفيحاني التي التقطها وأمد بها الشاعر أحمد بن علي بن شاهين الكواري الذي كان له الدور الرئيسي والأساسي في جمع ونشر ديوان الفيحاني فجزاهما الله خيراً على ما قدماه للأدب والشعر في قطر
وعندما توفي الشاعر محمد الفيحاني كان صديقه صالح الكواري يعمل في شركة النفط ارامكو في الظهران وفي أحد الايام كان الشاعر صالح جالساً في المجلس يقرأ قصيدة الفيحاني - بعد وفاته - وكانت القصيدة هي التي يقول فيها ( شبعنا من عناهم وارتوينا ) وكان يقرأها على أسماع مجموعة من جماعته في وقت العصر .
وفي تلك الليلة وبعد أن نام صالح رأى في المنام أن الفيحاني يزوره ويحدثه قائلاً : هل أعجبتك القصيدة التي كنت تقرأها عصر هذا اليوم على الجماعه ..؟ قال صالح : نعم ، فكل ما تقوله يا بوجاسم زين ، قال الفيحاني : أنا مت ولم يرثني أحد من الشعراء ، وأريدك يا صالح أن تقول قصيدة في رثائي فقال صالح : إن شاء الله أفعل .
وفي صباح اليوم التالي بادر الشاعر صالح الكوراي بنظم قصيده في رثاء الشاعر محمد الفيحاني ، وخاطب فيها صديقه الحميم محمد بن راشد المهنا النعيمي ويذكر فيها أن الشاعر محمج بن راشد رد على صالح بقصيدة مماثله ولكنها لم تصلنا إلى الآن .
وقصيدة الشاعر صالح نظمها على وزن قافية الفيحاني وفيها يقول :
سكرنا في هوى اللي ساكرينا = وعند أطلال منلهم لعينا
ترزمنا وشايمنا وشمنا = وصرنا من سببهم ناحلينا
وحنا في محبتهم أكلنا = من الحنظل وكنّه خوخ تينا
وحنا في محبتهم صبرنا = على المالح وصار الشين زينا
وحنا في محبتهم وقفنا = وشاهدنا وكنا محرمينا
وحنا في محبتهم عصينا = ولا نسمع كلام الناصحينا
وحنا في محبتهم تعبنا = وبعنا في هواهم واشترينا
أنا هيهات بنساهم وبأصبر = وهم لي بالمودة مقبيلنا
ثمان سنين خلاني صفولي = مصافيهم وهم لي مجهدينا
وعيني عقبهم لا قفوا وراحوا = وصدوا يوم بان الشيب فينا
وطرد الحب للمقفي خسارة = كما طرد المها اللي جافيلنا
ولا تتبع هوى من لا يريدك = ولا تازي علة شوفه حزينا
وهذي عادة الغادات لاقفن = تراهن للجمايل جاحدينا
ومن ينكر وينسى ما مضى له = وربي عنده علم اليقينا
وعفنا الغي وطرود الجوازي = وشمنا يا معين الصابرينا
وتبنا من قبيح الذنب تبنا = لوجهك يا غفور التايبينا
وهذا البيت للعاشق محمد = وحنا بالكلام مقلدينا
رعاك الله يا القرم الهواوي = ويا محيي رسوم الأولينا
مفيد حق من هو يعتبر به = كلامه ما حووه الراسخينا
وأنا قلت آه يا هذي بلاوي = وأثرنا في هواهم خاسرينا
على يا طارشي هيا بسرعه = لصوب محمج ذرب اليمينا
وقل له صالح يرثي سميك = ويزهم يا عشير الغانمينا
وجاني زاير في النوم عاني = وقال ارثو لنا يا فاهمينا
أنا برثيه ومن يرثيه مثلي = عسانا يوم حشره فايزينا
وأنا لك أنتخي يا بالعوايد = لزيمي يا خدين الطاهرينا
وصلى الله على خير البرايا = محمد صادق الوعد الأمينا
عليه الله صلى والصحابه = وحنا والكرام التابعينا
ركب الشاعر صالح بن سلطان البحر كعادة أهل قطر غواصاً ماهراً وكان يركب مع النوخذا والشاعر المعروف سلمان بن حمد الحسن المهندي ، ونشأ مكافحاً في سبيل العيش الكريم وتنقل لهذا الغوص في دول الخليج ، ففي فترة الثلاثينيات من القرن العشرين انتقل إلى البحرين وعمل فيها فترة من الزمن ثم رحل في الأربعينيات إلى المملكة العربية السعودية وعمل فيها بعد اكتشاف النفط في أراضيها مسئولاً في ( أرامكو) بمدينة الظهران وقد عاد الشاعر الكواري إلى موطنه قطر وعين مدرساً بمدرسة قريته ( سميسمة ) كما عين بجانب ذلك إماماً وخطيباً لمسجدها الجامع .
أجاد الشاعر صالح في جميع أغراض الشعر ونظم في مختلف فنونه وكتب القصيد والمواويل والشيلات وأبدع فيها جميعاً
وتطرق إلى القصائد الوطنية والغزل والمديح والمساجلات والدينيات ، ونظم القصائد الغنائية وأكثر من المراسلات الشعرية والمطارحات والردود على الشعراء
وجمعته صداقة أخويه وشعرية بالشاعرين محمد بن راشد مهنا النعيمي والشاعر عمار بن سلطان العماري وهم من سكنة الدمام، وجرت بينه وبينهم مساجلات كثيره ، كما تساجل مع شعراء آخرين من المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية ومن شعراء قطر ساجل محمج بن جمعان ومبارك بن سعد أبو سعده وأحمد بن محمد بن خليفة الساده وجبر بن حسن المناعي وعبدالله بن أحمد السويدي وعلي بن رحمه المري والشاعر الكبير سعد ين علي المسند المهندي المعروف بـ ( سعد الشاعر ) والشاعر الكبير عمير بن عفيشه الهاجري والشاعر حميد بن خرباش المنصوري والشاعر أحمد بن علي بن شاهين الكواري ومجرن بن خلفان المنصوري وقد قام بتدوين أشعاره وبعض ما يحفظ من قصائد لشعراء آخرين من قطر والخليج العربي في دفاتر عديده
توفي رحمة الله تعالي في عام 1400 هـ الموافق 1980م.
تعليق